ما هي المذاهب الاربعة ومن أصحابها هو ما سنعرضه ضمن هذا المقال، فقد ظهرت في حقبةٍ زمنيّةٍ ما المذاهب الفقهيّة والّتي أسّسها عددٌ من الأئّمة وعلماء الدّين الإسلاميّ الكبار، وظهر الاختلاف فيما بينها بالآراء والفتاوى وحلول المسائل الدّينيّة المستجدّة، ويبيّن ماهيّة المذاهب الأربعة، ويعرّفنا بأصحابها وعلمائها وسبب الاختلاف ما بينها والحكمة من ظهورها.

مصادر التشريع في الدين الإسلامي

إنّ أصل الدّين الإسلاميّ الحنيف يعود إلى الوحي المنزّل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو القرآن الكريم، ويأتي من بعد آيات القرآن الكريم سنّة رسول الله وأحاديث الصّحيحة، فالمصدران التّشريعيّان الرّئيسيّان والأساسيّان للدّين الإسلاميّ هما القرآن الكريم والسّنّة المباركة، ومع مرور الزّمن واستجداء بعض المسائل التّي لم يرد فيها دليلٌ ونصٌّ في القرآن الكريم أو السّنّة المباركة، ظهر الإجماع والقياس، وعدّهما أهل العلم من مصادر التّشريع، ولا يقوم بالإجماع أو القياس إلّا من كان عالمًا بأحكام القرآن وأحكام السّنة كلّها، وهذه المصادر الأربعة هي ما اتّفق عليها أهل العلم، أمّا ما اختلف فيه أهل العلم فهو سدّ الذّرائع وما ورد عن السّلف الصّالح والاستحسان وغيرها، والله أعلم.

ما هي المذاهب الاربعة ومن أصحابها

هي مناهجٌ وتوجّهاتٌ وآراءٌ وأساليبٌ نُسبت إلى عملاقة الأئمّة والعلماء، الّذين عملوا واجتهدوا في دراسة القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة المباركة، واستنتجوا منهما الأحكام وغيرها، ولا يُقصد من المذاهب تجزئة الدّين والنّاس، أو ابتداع الأحزاب وغيرا من الانقسامات، بل هي اختلافٌ في الطّرق والأساليب والآراء واستنباط الأحكام بين الأئمة رحمهم الله تعالى، وهذه المناهج تسهّل فهم الشّريعة الإسلاميّة الحنيفة، وتسهّل على المسلمين حلّ المسائل الفقهيّة الّتي تواجههم في حياتهم، وسنتعرّف فيما يأتي على المذاهب الفقهيّة الأربعة الحنفي والشّافعي والمالكي والحنبلي.

المذهب الحنفي

هو المذهب المنسوب للإمام الحنفيّ رحمه الله تعالى مؤسسه، ويعدّ أكثر المذاهب الإسلاميّة انتشارًا حول العالم، كما أنّه أوّل المذاهب الأربعة ظهورًا، أي أنّه أقدمها على الإطلاق، وأشهر أئمّة هذا المذهب الفقهيّ هم تلاميذ الإمام الحنفي محمّد بن الحسن، وأبو يوسف والحسن بن زياد اللّؤلؤيّ وزفر بن الهذيل، كذلك الطّحاويّ والحلوانيّ وأبو بكرٍ الرّازيّ رحمهم الله تعالى، ويعتمد هذه المذهب في التّشريع على القرآن الكريم والسّنة النّبويّة أوّلًا، ثم الأخذ برأي الصّحابة رضي الله عنهم وأقوالهم، وأخيرًا الاجتهاد والرأي الشّخصيّ بعد الدراسة والبحث الدّقيق، وأصحاب هذا المذهب من الممكن أن يعتمدوا الاستحسان والعمل المخالف للرواية في بعض الأحيان، والله أعلم.

 أشهر كتب المذهب الحنفي

انتشرت العديد من الكتب والمؤلّفات الّتي كتبها وألّفها علماء وشيوخ المذهب الحنفيّ، وسنذكر فيما يأتي بعضًا من أشهر الكتب المعتمدة في المذهب الحنفيّ وهي

  • الاختيار لتعليل المختار لمحمّد بن مودود الموصلّي.
  • البحر الرّائق شرح كنز الدّقائق لان بجيم الحنفيّ.
  • حاشية ابن عابدين.
  • منحة الخالق على البحر الرائق لابن عابدين.
  • اللباب في شرح الكتاب لعبد الغني الميداني.
  • فتح القدير للكمال ابن الهمام.
  • البناية في شرح الهداية للعينيّ.

المذهب المالكي

هو مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وهو مذهبٌ يعتمد على القرآن الكريم والسّنّة المباركة ومن بعدهما الإجماع والقياس وعمل أهل المدينة المنوّرة، ثمّ سدّ الذّرائع وأقوال الصّحابة والمصالح المرسلة، وقد ظهر هذا المذهب في المدينة المنوّرة أوّلًا ثمّ انتشر إلى جميع أنحاء العالم الإسلاميّ، ومن أشهر علماء وفقهاء هذا المذهب الفقهيّ عثمان بن الحكم وعبد الملك بن حبيب، وعبد الله بن وهب وأصبغ بن الفرج وزياد بن عبد الرّحمن وغيرهم كثيرون، وقد انتشر هذا المذهب بكثرةٍ بين أهل المغرب العربيّ ومصر والسّودان وشرق شبه الجزيرة العربيّة والله أعلم.

 أشهر كتب المذهب المالكي

سنعرض فيما يأتي بعضًا من أشهر الكتب الّتي يعتمدها تلامذة وعلماء وفقهاء المذهب المالكيّ وهي

  • التّاج والإكليل لمختصر خليل، للمواق.
  • حاشية الدسوقي على الشرّح الكبير للبابي الحلبي.
  • جواهر الإكليل على مختصر خليل للأبي الأزهري.
  • تسهيل منح الجليل لمحمّد عليش.
  • حاشية الخرشي (شرح مختصر خليل) لمحمد بن عبد الله الخرشي.
  • الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب مالك للدردير.
  • حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني، لعليّ الصعيد العدوي.

المذهب الشافعي

يُنسب هذا المذهب إلى مؤسسه الإمام الشّافعي رحمه الله تعالى، وينتشر هذا المذهب في مصر والعراق وخراسان وعددًا من البلدان الأخرى، واعتمد علماء المذهب وفقهاؤه في الفتاوى والمسائل على القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة المباركة، كذلك الإجماع وأقوال الصّحابة الكرام رضوان الله عليهم والقياس، ومن التّلاميذ الّذين نقلوا المذهب الشّافعي للعالم الرّبيع بن سليمان ويوسف بن يحيى البويطي والزّعفراني وأيضًا الكرابيسي المزني، و من أشهر الفقهاء والعلماء المتّبعين لهذا المذهب نذكر أحمد بن حنبل وأبو بكر محمد بن عليّ بن إسماعيل الشاشي وأبو زرعة القاضي وإبراهيم بن خالد الكلبيّ وغيرهم الكثير والله أعلم.

أشهر كتب المذهب الشافعي

إنّ من أشهر الكتب والمؤلّفات المعتمدة من قبل علماء وفقهاء المذهب الشّافعي ما سنذكر فيما يأتي وهي

  • الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع للشربيني.
  • تحفة الحبيب على شرح الخطيب سليمان بن محمد البجيرمي.
  • تكملة المجموع لابن السبكي.
  • أسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري.
  • تحفة المحتاج على المنهاج لابن الهيثمي.
  • حاشية ابن القاسم العبادي على تحفة المحتاج.
  • حاشية الجمل على شرح المنهج لزكريا الأنصاري.
  • حاشية الشّرواني على تحفة المحتاج.
  • نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي.

المذهب الحنبلي

إنّ المذهب الحنبليّ يعدّ أخر المذاهب ظهورًا وهو مذهب الإمام أحمد بن محمّد بن حنبل رحمه الله تعالى، وانتشر هذا المذهب في العديد من بلاد العالم الإسلاميّ كالجزيرة العربيّة ومصر والشّام وحرّان والعراق، ومن أشهر تلامذة وعلماء هذا المذهب إبراهيم بن إسحاق الحربيّ وإسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، كذلك أحمد بن حميد المشكاني وأحمد بن محمّد بن هانئ الأثرم الطّائي، كذلك أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي، وقد اعتمد هؤلاء العلماء على القرآن الكريم والسّنة المباركة ما صحّ من أحاديثها وما ضعف، كذلك اعتمدوا أقوال الصّحابة وسدّ الذرائع والقياس، والله أعلم.

 أشهر كتب المذهب الحنبلي

سنذكر لكم فيما يأتي بعضًا من أشهر الكتب الّتي اعتمدا علماء المذهب الحنبليّ وهي

  • التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع للمرداوي.
  • المقنع لابن قدامة.
  • مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للسيوطي.
  • معونة أولي النهى شرح المنتهى لتقيّ الدين الفتوحي.
  • زوائد الكافي والمحرر على المقنع لابن عبيدان الحنبلي.
  • دقائق أولي النهى للبهوتي.
  • الروض المربع شرح زاد المستنقع للبهوتي.
  • غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى لمرعي الحنبلي.

متى ظهرت المذاهب الأربعة

بعد الحديث عمّا هي المذاهب الاربعة ومن اصحابها، لا بدّ من الحديث عن ظهورها، حيث بدأت المذاهب في الظّهور في القرن الثاني للهجرة المباركة حيث كان ظهور أوّل مذهبٍ وهو المذهب الحنفيّ، وبد القرن الثّالث للهجرة ظهر المذهب الشّافعي والحنبليّ والمالكي، حيث لم يكن في عهد النّبوة والصّحابة الكرام والتّابعين مذاهبٌ يعتمدها أهل العلم ويتّبعها النّاس، والمذاهب الفقهيّة كلها صحيحةٌ ويمكن اتّباع أيٍّ منها، فكلّ عالمٍ من العلماء منهجه وأسلوبه وطريقته في استنباط الأحكام وحلول المسائل الدّينيّة، وكلّ الأئمّة والعلماء أئمة صالحون وأئمة هدى وأصحاب علمٍ غزيرٍ، وقد جعل الله تعالى على أيديهم هداية كثيرٍ من النّاس في القرون المتأخرّة، حيث يرجع النّاس إليهم فيما اختلفوا فيه من الأحكام والمسائل والمشاكل والله أعلم.

من هو الإمام أبو حنيفة

الإمام أبو حنيفة هو النّعمان بن ثابت بن المرزبان، يُكنّى أبو حنيفة، وهو من أبناء فارس وينتسب لأسرةٍ شريفةٍ في قومه، يرجع أصله في الغالب إلى كابل، وُلد في الكوفة سنة 80 هـ، ونشأ فيها وتربّى على يد علمائها، وهو عالمٌ فقيه مسلم، صاحب المذهب الحنفي في الفقه الإسلامي، المذهب الأول في الدّين الإسلامي، يشتهر بعمله الواسع والغزير وورعه، وكان صاحب زهد وكثير العبادة، ويُعدّه أهل العلم من التّابعين لأنه عاصر الصّحابة الكرام ومنهم أنس بن مالك -رضي الله عنه- كانت نشأته في بيئةٍ غنيّةٍ بالعلم، فكان صاحب علمٍ لا يفارق دروس العلم ينهل منها حتّى صار يترأس أحد حلقات العلم في الكوفة، وقيل فيه أنّ الله -سبحانه وتعالى- زيّنه بالفقه العلم والسخاء والبذل وأخلاق القرآن، وقد توفي رحمه الله في بغداد في عام 150هـ الذي يوافق 767م، ودُفن في بغداد.

منهج الإمام أبو حنيفة في المذهب

اتّبع الإمام أبو حنيفة في مذهبه الحنفي منهجًا خاصًّا به، فقد روي عنه قوله “آخذ بكتاب الله سبحانه، فإن لم أجد فبسنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن لم أجد في الكتاب والسنة، أخذت بقول الصحابة -رضي الله عنهم- وأخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت، فإن لم أجد أجتهد كما اجتهد أهل العلم قبلي” فكانت مصادر الفقه ومنهج الإمام أبو حنيفة هي القرآن الكريم والسّنة النبوية الشريفة والإجماع، والقياس والاستحسان والعرف والعادة.

من هو الإمام مالك

إنّ الإمام مالك هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث، أمّه عالية بنت شريك الأزدية وُلد كما روي في سنة 93 هــ، وهو في نفس العام الذي مات فيه الصّحابي أنس بن مالك خادم النّبي -صلى الله عليه وسلم- والإمام مالك إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة المشهورين، وصاحب المذهب المالكي، وهو واحدٌ من أكبر أئمّة الحديث الشريف، طلب العلم في صغره في المدينة المنوّرة، ولازم نافع مولى ابن عمر وتعلّم منه الحديث، وقد بلغ عدد شيوخه ما يُقارب ال 300 تابعيّ، حتّى صار هو المعلّم ينقل للنّاس ما تعلّمه وحفظه، وقد كان رحمه الله حافظًا واعيًا صبورًا مُثابرًا على العلم، وقد توفّي في شهر ربيع الأول من سنة 179 هـ وهو في عمر الخامسة والثّمانين، ودُفن في البقيع.

منهج الإمام مالك في المذهب

انتهج الإمام مالك في مذهبه ما نحى إليه فقهاء المدينة في الأصول التي بنوا عليها اجتهادهم، وكان الإمام مالك ينتهج الاستنباط الفقهي الذي لم يدونه كما دون بعض مناهجه، ومُلخّص ما يستند عليه الإمام مالك في اجتهاده واستنباطه، القرآن الكريم والسّنة وقول الصحابة ومن بعدهم قول التّابعين ثم الرأي والاجتهاد وعمل أهل المدينة واجتماعهم، والعرف والعادات وسدّ الذّرائع والاستحسان.

من هو الإمام الشافعي

تحدّثنا سابقًا عن ما هي المذاهب الاربعة ومن اصحابها، سنتحدّث عن الإمام الشافعي، فهو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف، حيث أنّ نسبه يلتقي بنسب النّبي -صلى الله عليه وسلّم- في عبد مناف، وهو قرشيٌ أصيل، وُلد بغزّة في بلاد الشام في شهر رجب سنة 150 هـ الموافق لشهر أغسطس سنة 767 م، وانتقل إلى مكّة بعد وفاة والده، حفظ القرآن في سنٍّ مبكرة واتجه لحفظ الحديث، وخرج للبادية ليتعلّم الفصاحة من هذيل، عُرف بنجابته وذكائه، وقد بلغ من العلم ما بلغ حتّى شاع خبره، وتتلمذ على يد الإمام مالك، والتقى بالإمام أحمد، وتنقّل بين مكة والمدينة وبغداد ومصر، كان تقيًّا ورعًا عابدًا، وقد توفّي في مصر في القاهرة في أوّل شعبان يوم الجمعة من السّنة 204 هـ ودُفن فيها.

منهج الإمام الشافعي في المذهب

اتّبع الإمام الشّافعي منهجًا واضحًا في الاجتهاد، وكان منهجه مُشابهًا للأئمّة الأربعة، فقد اعتمد على القرآن الكريم، ثمّ السّنة النبوية الشريفة والإجماع، وكتاب الله هو مرجعه الأول، كما يرى أنّ السّنة النّبوية في المرتبة الثانية من حيث الاستدلال، وإنّ الإجماع حجّة ولا يحتمل الخطأ، ولم يأخذ بالحجّة بأقوال الصّحابة كثيرًا، ولم يتوسّع بالقياس، ولم يعتبر الاستحسان والمصالح أنّهما يمكن أن يُشرّعا، وقد كان يتمسّك بالأحاديث الصّحيحة ويعتني بها.

من هو الإمام أحمد

الإمام أحمد صاحب المذهب الحنبلي، وهو أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، من قبيلة شيبان التي تمتاز بكثرة العلماء والقادة والأدباء والشعراء، وهو عربيٌ أصيل، وُلد في بغداد سنة 164 هـ ونشأ بها، وسمع من شيوخها، ثمّ انتقل للكوفة والبصرة مكة والمدينة واليمن والشام، حفظ الحديث والفقه وكان زاهدًا ورعًا، نشأ يتيمًا وتعلّم القرآن في صغره وحفظه عن ظهر قلب، وتتلمذ على يد الكثير من الأئمة كالإمام أبو يوسف القاضي وسفيان بن عيينة، والتقى بالشّافعي في الحرم، وكان من تلامذته البخاري ومسلم وأبو داود، وكان شديد الورع ويتميّز فقهه أنّه لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، وقد توفّي في يوم الجمعة في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 241هـ وهو في عمر السابعة والسبعين.

منهج الإمام أحمد في المذهب

إنّ الأصول الاجتهاد والاستنباط التي سار عليها الإمام أحمد بن حنبل في مذهبه، هي القرآن الكريم والسّنة النبوية، وفتوى الصّحابة والإجماع، والقياس والاستصحاب والمصالح والذّرائع، فكانت النّصوص من القرآن والسّنة مصدره الأول، فإن لم يجد فيها التفت إلى أقوال الصحابة، ويأخذ ما يُفتي به الصحابة ولم يُخالفوا فيه، فإن اختلفوا في القول تخيّر من أقوالهم ما كان أقرب للكتاب والسنة، وقد أخذ بالضّعيف والمُرسل من الأحاديث كحجّة، ثمّ إن لم يجد نصًّا ولا قولًا للصحابة، ولا أثرًا مُرسلًا استعمل القياس للضرورة.

ما السبب للاختلاف بين المذاهب

بعد التّعرف على ما هي المذاهب الاربعة ومن اصحابها، فإنّه سيُطرح تساؤلاتٍ حول سبب اختلاف المذاهب الأربعة، ومن الضروري بيان أنّ نقاط اتّفاقهم كثيرة جدًّا، ويوجد بعض الاختلاف لعدّة أسباب ويمكن ذكر بعض تلك الأسباب فيما يأتي

  • أن تتعارض الأدلّة الشّرعية في نظر الإمام، فتختلف طريقة الترجيح والجمع بين هذه الأدلة، فيجتهد الإمام برأيه ويُعطي الفتوى الأقرب للصواب.
  • الاختلاف بسبب اللغة العربية ذاتها ما تحمله من المعاني، فيتمّ تفسير أمرٍ واحد بأكثر من معنى وكلّ تفسير يحتمل حكمًا، فيكون المعنى مُقيّدًا أو مجازًا.
  • الاختلاف في الأدلّة الإجمالية من حيث الاعتبار وعدمه، فالنقل عند أهل المدينة اعتبره الإمام مالك حجّة لنقلهم العمل من النبي والصحابة والتابعين.
  • وقد يكون الاختلاف بسب تفاوت العلم والإحاطة به، واختلاف فهم النّصوص الشرعية، فلم يُحط أيّ إمامٍ بالعلم كله، فقد يكون قويًا في جزء ويخفى عليه أمورًا تظهر على غيره.
  • كذلك الاختلاف في تصحيح الأحاديث واعتماد القوية والضّعيفة منها.
  • كما يرجع اختلاف الأئمة لاختلافهم فيما يتعلّق بالقواعد الأصولية، كاختلافهم بما يُقصد من نصٍّ بعينه هل كان مخصوصًا أم دخل التعميم.

ما الحكمة من الاختلاف بين المذاهب

إنّ الكثير من المسلمين الذين يتساءلون ما هي المذاهب الأربعة ومن أصحابها، يبحثون عن الحكمة من الاختلاف بين هذه المذاهب، وقد بين أهل العلم أن خلاف المذاهب الأربعة لا يكون إلا في المسائل التي تحتمل الاجتهاد السائغ، ولا تكون في أصول الدّين، والحكمة من ذلك

  • إنّ الاجتهاد في أحكام المسائل التي يمكن الاجتهاد فيها عبادة لا تُقبل من غير المسلم ولا حتّى من المنافق والجاهل.
  • وهي ابتلاءٌ وامتحانٌ بذات الوقت لأهل العلم الشرعي، وتمثيلٌ لمكانة كتاب الله وسنّة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- في قلوبهم، فهم لا يتّبعون إلا الحق ولا يتّبعون الهوى.
  • تكشف هذه الاختلافات أهل الهوى والمتعالمين، والدّخلاء على العلم الشرعي الذين يبغون الفتنة وتأويل النصوص بحسب الهوى والرّغبة.
  • والاختلاف الفقهي علمٌ متوارث، ينمّي القدرة على النّقض أو الإبرام وفق أصول الفقه أو الاستدلال.

تاريخ ظهور المذاهب

بعد بيان ما هي المذاهب الأربعة على أنّها الأحمديّة أو الحنبليّة إشارةً إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، والشافعيّة إشارةً إلى مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، والمالكية إشارةً إلى مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله، والحنفيّة نسبةً إلى مذهب النعمان بن ثابت أبي حنيفة رحمه الله تعالى، لا بدّ من بيان متى ظهرت هذه المذاهب، حيث انتشرت مع بداية القرون المتأخرة، فقد ظهرت في غالبيتها مع بداية القرن الثالث الهجريّ، فيما عدا مذهب أبي حنيفة ومذهب المالكية فقد ظهرا في القرن الثاني للهجريّ، والله ورسوله اعلم.

بهذا يكون قد عرض لنا مقال ما هي المذاهب الاربعة ومن اصحابها مصادر التّشريع الأساسية في الدين الإسلامي، وعرّف بالمذهب الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي، كما ذكر أشهر الكتب المؤلّفة في كلّ مذهب، وبيّن تاريخ ظهور المذاهب الفقهية، ثمّ عرّف بالإمام أبو حنيفة ومنهجه، وعرّف بالإمام الشافعي ومنهجه، وعرّف بالإمام مالك وأحمد ومنهجهما في المذهب، وختم بأسباب وحكمة الاختلاف بين المذاهب.